يمر العالم بتغيرات مستمرة محورها سعي امريكا للمحافظة على صدارتها، مع تراجع قطبيتها، وجهود اوروبا لمواجهة المنافسة بتعزيز وحدتها المهددة..ولايقاف تراجع دورها الذي فقدته منذ الحرب العالمية الثانية، ويستمر صعود اسيا، خصوصاً الصين. وتستعيد روسيا بعض مواقعها، بعد خسارتها لقطبيتها في مرحلة الاتحاد السوفياتي. فالعالم يزداد تشابكاً واعتماداً على بعضه.. لكنه يشهد ازمات سياسية واقتصادية وفي السيولة والمنافسة والتجارة التي بدونها لن تتمكن الدول من ادامة مستويات عيشها ونموها.
وتمر المنطقة بمنعطف انهيار مرتكزاتها.. فولدت –بمخاضات-توازنات ونظمجديدة، لم تستكمل وتستقر بعد.. وتصاعد الدور التركي وبنى لنفسه حضوراً غاب منذ سقوط الخلافة.. وتصاعد دور دول الخليج خصوصاً قطر والامارات.. وتشهد السعودية تحديات في البحرين واليمن وسقوط انظمة حليفة كمصر وتونس واليمن.. وما زالت ايران تدافع عن ملفها النوويودورها الاقليمي.. في مناوشات ومفاوضات يسعى الغرب فيها محاصرتها عبر سوريا وسياسات الحصار.. وترد ايران عبر المشاغلةبعوامل الربيع العربي، وفي افغانستان وفلسطين ولبنان والعراق.
يقف العراق وسط التيارات المتلاطمة وهو يتمتع بظرف موضوعي لمصلحته واداء ذاتي ضده.. فتراجع الانتاج الليبي والايراني وتقدم معدلات النفط العراقي، لتتجاوز حاجز 3 مليون برميل يومياً، والتوجهلضعف هذه المعدلات خلال سنوات.. يرسم للعراق دوراً سياسياً واقتصاديا كبيراً وطنياً وخارجياً.. وستلعب السيولات النقدية المتحققة والفرص الاستثمارية ادوراً ليست اقل، ان فهمت القيادات اهمية التحول من عقل القومسيونات وتجارة "الجنطة" الى الشراكة والمشاريع والاستثمارات.. واعظم من ذلك، امتلاك العراق التعددية للتعامل مع كل التلاوين الاقليمية والدولية.. فعلاقاته بايران يمكنها ان تتطور بقدر تطورهابتركيا والدول العربية والخليجية.. وباسيا وروسيا بقدر تطورها بالغرب.. ذلك ان استثمرت تعددياته لتحقيق الامتدادات مع تلك الفضاءات، لا ان تكون مصدر تصادم وتعطيل داخلي،واستغلالها لاغراض ضيقة، كما يحصل اليوم.
فالعراق انجز التأسيس الديمقراطي والدستوري، الذي بدأ للتو في المنطقة.. ويمتلك قدرات متحققة هائلة، بينما يعاني الاخرون.. وشرط ذلك تبني قياداته منطق الوحدة والحلول التأسيسية بدل التسقيطات والازمات.. والاخذ بالمفاهيم والممارسات الراقية للرشد الاداري والسياسي والتشريعي ونبذ المتخلفة، وفهم دورنا اقليمياً وعالمياً.. لكننا –ما زلنا- نتآمر على انفسنا.. قبل تآمر الاخرين علينا.. وكاننا –شعباً وقيادات- نعشق العذابات والسبح ضد التيار، بدل استثمار قوته واتجاهاته، ولمصلحة الجميع.
عادل عبد المهدي