لا يزال الدم العراقي ينزف بغزارة، وسقوط الضحايا الأبرياء يتواصل، وتفجير وتدمير دور العبادة من مساجد وحسينيات وكنائس والأسواق، وقتل المزيد من الشعب مستمر، على يد الإرهابيين والتكفيريين والمجرمين، الذين يحاولون إثارة الفتنة المذهبية والدينية والعرقية والقبلية، لإعادة العراق إلى الحكم الدكتاتوري الاستبدادي الدموي المظلم أو العيش في دوامة القتل والكراهية والحقد، وجعل الشعب العراقي حطبا لأعمال العنف والعدوان. بينما دول الجوار والأخوة العرب والمسلمون صامتون لا يحركون ساكنا اتجاه تلك التفجيرات التي تستهدف العراق وشعبه.
بلا شك ان العراق يعيش في ظل أزمات داخلية وخارجية كثيرة - كان الله بعون شعبه-، وأعظم أزمة ومصيبة يعاني منها العراق حاليا هي الفساد والاستغلال المنتشر في الدولة، وذلك بعدما تراجعت الأعمال الإرهابية وتحسن الوضع الأمني. ولكن كلما شهد العراق تحسنا نسبيا في مجال الأمن والامان والاستقرار، وعاد الشعب العراقي لممارسة حياته الطبيعية بالتعايش السلمي مع جميع الأطياف، وبرزت مظاهر الفرح والسرور؛ عاد الإرهابيون والمجرمون والتكفيريون لهوايتهم الحاقدة على الإنسانية بقتل الإنسان، كما حدث مؤخرا من أعمال تفجيرية لدور العبادة التي تسببت بقتل وإصابة المئات من المصلين الآمنين، واستهداف الحسينيات والمواكب والزوار في العديد من المناطق، واستهداف كل عراقي ينشد الأمن والسلام والاستقرار في جميع المناطق، وذلك في محاولة لإثارة النعرات الطائفية البغيضة والفتنة والحرب.
ولا يزال أعداء العراق والديمقراطية والسلام يمارسون جميع الأساليب القذرة الإجرامية، وتغذية كل ما يؤدي إلى الفتنة والحرب والقتل بين فئات الشعب العراقي من خلال التشكيك في كل عمل يعبر عن حالة التعايش السلمي والمحبة والسلام بين العراقيين.
لقد نشرت وسائل الإعلام العراقية خبرا عن عودة حالة الزواج بين أبناء المسلمين الشيعة والسنة كما كانت سابقا قبل دخول الإرهابيين والتكفيريين وأعداء الإنسانية، وسط تقبل وفرحة الشعب العراقي من جميع الأطياف بهذه الحالة المدعومة من قبل الدولة بدعم كل حالة زواج بـ 2000 دولار. فيما أعداء العراق في الداخل والخارج وأعداء التعايش وتقبل الطرف الآخر لم يتقبلوا تلك الروح الأخوية والمحبة وعودة روح الزواج بين أبناء المذاهب والطوائف. بل عبروا عن حقدهم الدفين واستيائهم الشديد والتشكيك في النوايا عن ذلك التقارب، لأن هولاء يريدون تمزيق العراق وشعبه من جميع الطوائف والمذاهب والقوميات والعروق، بعدما فشلت عمليات التفجير والتدمير والقتل والذبح والتهجير.
منذ سقوط نظام صدام في العراق، وأعداء الشعب العراقي والحرية والديمقراطية يحاولون بكل الأعمال والأفعال والأقوال، والأساليب الإجرامية لضرب وتشويه أي عمل ايجابي في العراق ومنها العملية الديمقراطية الحديثة العهد (المليئة بالأخطاء الكبيرة في ممارستها)، وقتل معنويات الشعب العراقي العاشقة للعدالة والحرية والسلام. والعمل على الترويج وتصوير الشعب العراقي بأنه شعب فوضوي لا يستحق أن يعيش في ظل الديمقراطية..، شعب غارق في الدموية يعشق العنف والقتل والتدمير والحرب والانتقام، شعب يكره الحياة والسلام، وأنه شعب اعتاد على الحكم الدكتاتوري الدموي، ولهذا لابد أن يحكمه نظام حديدي قمعي، ترضى عنه الدول المجاورة.. لا صوت فيه إلا لصوت النظام وأزلامه وأبواقه.
ورغم كل الدماء والعمليات التفجيرية والقتل كما حدث مؤخرا باستهداف المساجد والحسينيات وكذلك الكنائس والامنين في حملة عدوانية منسقة فان الشعب العراقي اثبت للجميع بأنه شعب يعشق السلام والاستقرار والامن والامان، بعدم الرد على تلك الأعمال بالانتقام بالمثل، ثم الدخول في فتنة داخلية طائفية تحرق الأخضر واليابس، بفضل وجود قيادات حكيمة رشيدة تدعم التعقل والاتزان وضبط النفس وعدم الرد بالمثل والانتقام.
حفظ الامن ومعاقبة المعتدين والمجرمين هي من مهمات الدولة، ولكن للاسف الحكومة العراقية ضعيفة وهذا الضعف استغل من قبل اعداء العراق لاثارة الفتنة، واصبح المواطن ضحية يدفع ثمن هذا الضعف.. ولكن اذا تخلت الحكومة عن دورها فمن سيدافع عن امن المواطن؟
وأخيرا؛ الا يستحق هذا الشعب وأبناء الطائفة التي تتعرض مساجدها وحسينياتها للتفجير وقتل عشرات المصلين، وسقوط المئات من الجرحى..، كلمة تضامن وإشادة بموقفها بضبط النفس وعدم الرد والانتقام، محبة للسلام والديمقراطية. يا أعداء العراق وأعداء الإنسانية وأعداء الحرية والتعددية الفكرية والدينية والمذهبية موتوا بغيظكم. فالعراق سيكون بلدا للحرية والديمقراطية والسلام.
علي آل غراش، السعودية