محمد مهدي شمس الدين: من خطاب العاشر من محرم- 1417- الموافق 27 أيار 1996
الإمام الحسين هو إمام للمسلمين، كل المسلمين، وإمام للمستضعفين، مسلمين كانوا أم غير
مسلمين.. وثورة الحسين كانت إدانة كبرى للنهج الطائفي والفئوي في الحكم وفي المجتمع وفي علاقات الناس والجماعات داخل المجتمع السياسي..أقول هذا الكلام وقد قلته سابقاً، وسأظل أقوله لأقتلع الوهم الذي ربما يكون راسخاً في قلوب بعض الشيعة وربما يكون راسخاً في قلوب بعض المسلمين من غير الشيعة بأن هذا شأن شيعي خاص...أقول هذا الكلام أيضاً لأعيد تأكيد ما قلته في السنين الماضية من أنه ليس للشيعة في لبنان أو في العالم العربي مشروع خاص بهم..الشيعة في لبنان والعالم العربي هم جزء من المشروع الوطني العام لبلدانهم وأمتهم مشروع الدولة والمجتمع الواحد وليس لديهم أي وَهمٌ في مشروع خاص كما أنهم لا يتحملون مسؤولية أي مشروع خاص...هذا هو المعنى الأول والأساس لثورة الحسين الاسلامية-الانسانية...الإمام الحسين تحرك من أجل مشروع دولة للجميع لا تقوم على فئوية أو مذهبية أو طبقية ولا على غلبة واستقواء...هذا المشروع الوطني الاسلامي الانساني هو حلم البشر الدائم في مجتمعاتهم..فالبشر يبحثون عن اعتراف الآخر بهم، عن المساواة والعدالة والكرامة..,هذه تعني الاعتراف المتبادل..والعيش الواحد.. وذلك في مقابل دعوات التمايز والانفصال والغلبة والاستحواذ...
الامام الحسين حمل رسالة ومشروع الدولة العادلة الواحدة والذين قتلوا الحسين حملوا رسالة ومشروع الدولة الفئوية الظالمة المستكبرة..وبهذا المعنى فان خطاب عاشوراء هو خطاب الوحدة خارج الحزبية وفوق الحزبية...وحدة لبنان بجميع فئات شعبه: مسلمين ومسيحيين، وفي جميع مناطقه..خطاب عاشوراء هو خطاب المشروع الوطني الانساني الواحد لا المشاريع الخاصة...قالها الحسين بدمه الطاهر ونقولها نحن في السر والعلن..وفي العلن والسر..
خطاب عاشوراء والحسين هو خطاب العيش المشترك في لبنان... لا بلقلقة اللسان والشعارات الجوفاء..بل العيش الواحد الذي يقوم على ثوابت الكيان اللبناني وثوابت الدولة والمجتمع في لبنان..العيش الواحد الذي يعترف للآخرين بكرامتهم وبحريتهم وبثقافتهم وبكياناتهم الداخلية، لا يُهرِّج عليهم، ولا يُهيمن عليهم بشعار القداسة...لا تجعلوا الحسين حجراً تلقمون به أفواه الآخرين أو ترجمون به الآخرين أو تُخضعون به الآخرين أو تُحاربون به الآخرين...أكرموا هذا الكبير عن أن يكون صغيراً..أكرموا هذا العظيم عن أن يكون محدوداً...
العيش الواحد في خطاب عاشوراء يعمق من مسيحية المسيحي كما يعمق من إسلامية المسلم... كما يعمق من الوشائج التي تجمعهم على إيمان ابراهيم، وتجمعهم على محبة وولاء ومواطنية لبنان"...