(افتتاحية لجريدة العدالة العراقية)
تقف المنطقة في مفترق طرق.. إما بناء توازنات جديدة تسمح بانتظام الامور.. أو ستتهاوى التوازنات والقوى الحافظة للأوضاع، بدون قيام بدائل تستطيع مسك وكبح الجديد. وإذا بقينا على صعيد القوى الإقليمية، فنعتقد أن سلوك وتوجهات هذه القوى قد يسمح بارساء علاقات وأنظمة، أقل قتلاً وظلماً.. وأكثر عدلاً وسلماً.. أو قد تدفع باتجاه التصادم والحرب وإدامة الازمات، إن أساءت التقدير والحساب.
القوة الأولى، ما يسمى بربيع العرب أو قوى المعارضة، جديدها وقديمها. إنها حركة المطالبات والتغييرات الجماهيرية التي أفرزت قواعد حقيقية ومطالب متنوعة، وضمت قوى معروفة، أو مجهولة في توجهاتها وقدراتها.
القوة الثانية، القوى المحافظة لمجلس التعاون بقيادة العربية السعودية.. والتي تمتلك إدارة محددة وعلاقات جماهيرية ورسمية، إقليمية ودولية.. ولها مصالح وتمثيليات وقدرات مختلفة.
القوة الثالثة، القوى الثورية وأبرزها الجمهورية الاسلامية.. والتي تمتلك إدارة محددة وعلاقات جماهيرية ورسمية، إقليمية ودولية. ولها مصالح وتمثيليات وقدرات مختلفة.
وهناك رابعاً قوة الحراك التركي.. التي دخلت ملفات المنطقة بإدارة ومبادرات نشطة، وأقامت علاقات فيها الكثير من الحساب والتوازن بالدول والفصائل المختلفة.
القوى الثلاث الأخيرة واضحة في قدراتها واستراتيجياتها، المتوافقة والمختلفة. كما أنها قوى لم تبرهن بعد عن مدى قدرتها في التأثير أو التفاعل مع قوى ومطالب التغيير. بالمقابل يتحقق للقوى الثانية والثالثة (إيران والسعودية) مكاسب من إهتزاز محاور كانت للأمس القريب في صف الخصوم، أو لضغوطات وتهديدات لهم أو لحلفائهم.ربيع المنطقة افرز نتائج ميدانية وسيفرز المزيد منها، ويجب التعامل معها بمسؤولية لمواكبة الإيجابي ومنع السلبي ذات الأبعاد الطائفية والإثنية والعنفية ومن أجل المواقع والسلطة.. لابد من توفير الحد الادنى للأطر والإتفاقات لكي لا تجري عملية الانتقال بتصادمات وأضرار كبيرة، ستغذيها بالتأكيد المخاوف المتبادلة، وعدم الثقة، والمصالح الضيقة، وقوى الجمود..لابد لهذه القوى أن تتحرك باتجاه بعضها، أوعلى الاقل أن تدرك أن أي منها لا يملك حلاً أحادياً لنظام جديد.. نظام يعتمد المصالح المشتركة وحسن الجوار وعدم التدخل وإحترام حقوق الشعب. والعراق بتعددياته وإمتداداته يمتلك مقومات المبادرة. فهل سيفعل ذلك؟.