الأربعاء، 2 يناير 2013
سوريا.. ما بعد النظام
عادل عبد المهدي
منذ حوالي العامين وسوريا الحبيبة تنزف دماً.. فالنظام يتعامل مع المعارضة ككل باعتبارها ارهاباً دون تمييز الارهابيين والتكفيرين عن المعارضة الحقيقية والتي لها تمثيل واسع وكبير.. بالمقابل ترفض المعارضة اي حل للاوضاع الراهنة قبل رحيل الرئيس الاسد.
هذا الوضع سيستمر لفترة طويلة حتى مع تغير المواقع، مما يعني الاقتتال وتدهور الموقف لغير مصلحة النظام وحلفائه.. والمعارضة
وحلفائها. وسيكون المستفيد الاكبر الارهاب والتكفير واسرائيل واعداء سوريا.. فالاخطار والاضرار ليست مؤقتة وانية فقط.. بل ستكون مزمنة ومستقبلية ايضاً. فعندما رفضت الاطراف الداخلية والخارجية التغيير الذي بات ضرورة لازمة في العراق قبل الانتفاضة في 1991 وبعدها لحسابات قصيرة النظر.. وتذرعت بامور لا تختلف عما يستخدم اليوم لابقاء المعادلة القائمة انذاك.. فان الضرر لم يصب الشعب العراقي وقواه السياسية فقط.. بل اصاب المجتمع ايضاً بتقسيمه وتهجير الملايين من ابنائه.. وهدم كيان الدولة ودمر البنى التحتية واغرق البلاد بالبطالة والديون وانوع المشاكل.. وهو ما نعاني منه وسنعاني منه لفترة طويلة قادمة.. فخسر النظام السابق وانصاره كل شيء.. وحدثت تداعيات اقليمية ودولية خطيرة ما زالت تفعل اثارها السلبية في الواقعين العربي والاسلامي والدولي.
يقول النظام السوري انه يريد الاصلاح والتغيير.. وتقول المعارضة باسقاط النظام لاحداث التغيير.. والاطراف الاقليمية والدولية لا تعارض التغيير بل تشدد عليه.. فلنضع تصوراً لنظام ما بعد التغيير.. ونفترض –بسذاجة- تعاون الاطراف بشكل ما ليزيحوا من الصورة كل ما يجب بقاؤه خارجها.. ويؤطروا ما له موقعاً طبيعياً فيها.
لا مكان للارهاب والتخريب والعنف والتكفير والحرب الطائفية.. او لحكم الحزب الواحد والرئيس الدائم والسجون والقتل والتعذيب.. ولا مكان لاضعاف النظام العام والقانون والدولة.. ولتخريب علاقات سوريا الاقليمية والدولية سواء المؤيدة للنظام والمؤيدة للمعارضة.. ولا مكان لان تغير سوريا موقفها من اسرائيل ومن القضايا الوطنية والقومية.. او ان لا تلتزم بسياسات الصداقة والحلول السلمية والالتزامات الدولية. اذا كانت هذه الصورة مقبولة، فان عناصر الحل ممكنة لا تمنعها سوى المخاوف والعوامل الشخصية. فمصلحة النظام والمعارضة وحلفائهم المسارعة بوضع تصورات ما بعد النظام والعمل بموجبها.. فالتغيير قادم لا محالة بشكل او باخر.. عاجلاً ام اجلا.. وكلما اسرعنا في الحل كلما منعنا عن سوريا العزيزة ان تمر بمآسي التجربة العراقية وتداعياتها.