27 أيلول 2011
أدلى رئيس جبهة النضال الوطني وليد جنبلاط بموقفه الأسبوعي لجريدة "الأنباء" الصادرة عن الحزب التقدمي الاشتراكي ومما جاء فيه:
قد تؤدي الظروف العامة والأحوال السياسية في الكثير من الأحيان الى طمس شخصية ودور الرجل السياسي، ما يولد إنطباعات مغايرة للحقيقة لا تعكس حقيقة تكوين الشخصية لهذا المرجع أو ذاك، ولكن سرعان ما تتبدد تلك الانطباعات في حقبات ومراحل مفصلية مهمة، كما حصل مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس الذي ألقى خطاباً تاريخياً في الأمم المتحدة. وقد برز أبو مازن كشخصية هادئة، متوازنة، رصينة، صادقة وواضحة عكست تمتعه بشجاعة سياسية ومعنوية هائلة قل نظيرها، بحيث أثبت أن الكفاح السياسي أحياناً يوازي بأهميته الكفاح المسلح ولا يقل عنه شأناً إذا ما أُحسنت إدارته.
وأبو مازن جاء ليكمل مسيرة المناضل التاريخي ياسر عرفات الذي كان وضع المداميك الأولى لمفهوم القرار الوطني الفلسطيني المستقل، وخطاب الرئيس عباس ذكرنا بالخطاب التاريخي الذي ألقاه أبو عمار في الأمم المتحدة سنة 1974، وقال عبارته الشهيرة آنذاك: "جئتكم بغصن الزيتون مع بندقية ثائر، فلا تسقطوا الغصن الأخضر من يدي".
لقد واجه ياسر عرفات الحروب والمؤامرات العربية والدولية العديدة بهدف تكريس أسس هذا القرار الوطني المستقل والحؤول دون إستلحاقه بمصالح وغايات خارجة عن مساره الأساسي من قبل أنظمة الوصاية التي لطالما نظرت الى فلسطين على أنها ملحقة بها. ومن أبرز تلك الاستهدافات الاغتيالات السياسية المتلاحقة التي نفذتها إسرائيل وجهات رسمية وغير رسمية عربية. ثم كانت حروب لبنان بمسلسلاتها المختلفة تنفيذاً لتسوية كبرى هدفت الى ضرب القرار الوطني الفلسطيني المستقل ومصادرة القرار الوطني اللبناني لسنوات.
وهنا، لا بد من مراجعة نقدية لحرب لبنان والبحث العميق في الأسباب الحقيقية التي أغرقت البندقية الفلسطينية وأغرقتنا معها في حروب جانبية، ربما تطبيقاً لقرار عربي ودولي بتصفية منظمة التحرير الفلسطينية. إن الشجاعة السياسية والأدبية تحتم على كل الأطراف، اللبنانية والفلسطينية، العودة لاجراء قراءة هادئة لتلك المرحلة بمختلف عناصرها وظروفها ومسبباتها لاستخلاص العبر والدروس.
لقد وضع أبو مازن المجتمع الدولي برمته أمام مأزق وإستحقاق الاعتراف بدولة فلسطين وبالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني أو تحمل تبعات إنهيار السلطة وترك الساحة مفتوحة أمام اليمين الاسرائيلي وبعض أصوات الممانعة العربية والاقليمية التي تتلاقى موضوعياً لتعطيل كل الحلول وإبقاء الحروب مفتوحة دون أفق والى ما لا نهاية بعيداً عن أي تسوية محتملة لانهاء هذا الصراع التاريخي.
وهنا، يوجه السؤال الى المجتمع الدولي حول إعترافه في الماضي، سنة 1948 تحديداً، بدولة إسرائيل التي جاءت لتحتل أرض غيرها، فلماذا لا يُعامل الشعب الفلسطيني بالمثل، وهم أصحاب الأرض من الأساس؟
وكم كان جميلاً إستشهاد أبو مازن بكلمات الشاعر الراحل الكبير محمود درويش قائلاً: "واقفون هنا، قاعدون هنا، دائمون هنا، خالدون هنا، ولنا هدف واحد.. واحد.. واحد.. أن نكون.. وسنكون". فهل يسمع المحتلون والمستبدون؟
في مجال آخر، كم يُقدر المرء عراقة المؤسسات المصرية وتجذرها التاريخي، وهي أثبتت ذلك في العديد من المحطات، وآخرها كان حضور المشير محمد حسين الطنطاوي والادلاء بشهادته أمام القضاء، وهذا دليل على رقي الشعب المصري وإحترامه للقانون والمؤسسات.
أما في قرار خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبد العزيز الذي أدخل المرأة كاملة العضوية في مجلس الشورى السعودي بدءاً من العام 2013، والسماح لها بخوض الانتحابات البلدية، فهو يعبّر عن عمق إدراكه لأهمية إشراك المرأة في الحياة العامة ومؤسسات الدولة، وهذه خطوة إصلاحية مهمة جداً من شأنها المساعدة في تطوير الواقع القائم في المملكة وتحسينه.