الخميس، 24 نوفمبر 2011

سعود المولى: المواطنة بين الدعوة العلمانية وشعار الدولة المدنية

نص منقول عن التسجيل لمحاضرة في مخيم شباب الفريق العربي للحوار- ضهور الشوير- صيف 2011
نبدأ من نقاط اساسية لفهم المعضلات التي نعيشها في منطقتنا:
أولاً: ان مسالة المواطنة لا يمكن ان نفصلها عن معنى العلمنة والحداثة في الدولة الحديثة. فالمواطنة لم تكن موجودة في الازمنة المسماة بالقرون الوسطى حينما كانت الكنيسة تحكم كل الغرب.. وحتى في اثينا ما قبل الميلاد والتي تعطى مثالا عن الدولة/المدينة : كان فيها المواطنون لا يتجاوز عددهم ثلثَ سكان اثينا اي اولئك الذين يتمتعون بحقوق سياسية ومدنية.هذا هو معنى المواطنة وهو لم يكن ينفصل عن الدين لأن المواطن الاثيني او الروماني او الفينيقي كان يخضع لمقدس أو اله المدينة والا فهو خارج المواطنة... أما معنى الحقوق فقد تطور مع روما الجمهورية ثم صار الى ما هو عليه مع الحداثة والعلمنة.. وهذه نقطة اساسية حتى نفهم ما يحدث في بلداننا التي لم تدخل بعد في هذا الزمن الحديث.
ثانياً: ليس فقط الاسلام ومجتمعات المسلمين هي التي لا تزال تنص على ان للدولة دينا،أو ان دين الدولة هو الاسلام او ان دين الرئيس او الملك هو الاسلام.. فهناك دول عظيمة في العالم ما زال دينها مسيحيا او دين ملكها او رئيسها او ان فيها كنيسة رسمية هي كنيسة الدولة... فعلى سبيل المثال الدول الاسكندنافية (السويد والنروج والدانمارك) والمملكة المتحدة (بريطانيا) هذه دول تقوم على كنيسة وعلى ملك/ملكة هو رأس الكنيسة وعلى تحديد كنيسة الدولة أي دينها: لوثرية-انغليكانية..الخ....
ثالثاً: لا يوجد علمانية واحدة طبقت بنفس الصورة والشكل في عدد من الدول (اي بمعنى فصل الكنيسة عن الدولة او الفصل بين السلطتين الدينية والدنيوية). في بعض المجتمعات طبقت العلمانية على اساس انها نزع الدين عن حياة المجتمعات بالكامل، بمعنى علمنة كل ما في الحياة الاجتماعية والانسانية والاقتصادية والثقافية...وفي بعضها الآخر ما يزال الدين فاعلاً فيها بقوة.. فلا يوجد علمانية واحدة كما يعتقد او يروج البعض كما لو ان العلمانية وصفة كونية.. علمانية المانيا تختلف عن علمانية السويد وهذه تختلف عن علمانية فرنسا وتلك تختلف عن علمانية بريطانيا او امريكا... لذلك علينا ان نبحث في واقعنا ومجتمعاتنا وان نقوم بجهد فكري وثقافي وسياسي واجتماعي لكي ننتج علمانيتنا الخاصة (ونحن اسميناها المدنية) وحداثتنا الخاصة المنسجمة والمتطابقة مع واقعنا والتي لا تكون في مواجهة مع الدين او ضده والتي تستفيد من كل نجاحات واخفاقات الحداثة الانسانية.
رابعاً: مجتمعات منطقتنا فيها مسلمون ومسيحيون ويهود، والانسان فيها ديني وغيبي بالفطرة والتكوين. اي ان المكون الاساسي لهذه المجتمعات، الثابت الاساسي، فهو الدين او بالأحرى الشرع (منذ شريعة حمورابي وغيره) على اختلاف تنوعاته: بمعنى العلاقة مع الغيب والمطلق في تفسير وتوجيه الحياة الدنيا.. وحتى انجلز الشيوعي قال: ان مفتاح آسيا هو في السماء وليس في الأرض اي ليس في الاقتصاد او قوى الانتاج وعلاقات الانتاج.وبالتالي يلزم ان نفهم واقع التكوينات الدينية والمذهبية (قوة الشرع) والتكوينات العشائرية والقبلية (صلة الرحم) لكي نتوصل الى انجاز تقدم ملموس في حقل المواطنة والحقوق المدنية والمجتمع المدني أو "سياسة المدينة".
خامساً: المسألة الأخرى في حديثنا عن المواطنة والمجتمع المدني هو ملاحظة وتسجيل تلك الحقيقة المعروفة في كل العالم العربي وهي وجود وقوة واستمرارية مؤسسات "المجتمع الأهلي" في بلادنا، رغم استخدام تعبير "السياسة المدنية" في تراثنا الفكري كما عند الفارابي وابن خلدون (وهما يربطانها بالنموذج المثالي "المدينة الفاضلة" لدى الفلاسفة).
وبالتالي، هناك مشكلتان تواجهنا: الاولى مفاهيمية والثانية تكمن في التطبيق والواقع.
في المشكلة المفاهيمية، نحن نعيش حالة التباس وضبابية وحالة تداخل مفاهيمي، ولم ننتج مفاهيمنا ومصطلحاتنا المطابقة لمجتمعاتنا كما هي. اذا اردنا ان نوصف شيئا نستخدم مصطلحا اجنبيا. فمفهوم المواطنة يأتي من اللغة الاجنبية citizenship من كلمة citizen اي المواطن ومشتقة بالتالي من المدينة = city وهو لا يختلف عن معنى المجتمع المدني ومعنى الشعب او الوحدة السياسية. اما عندنا فالمواطنة مشتقة من كلمة وطن، وما هو الوطن؟ انه شىء عاطفي وجداني لا يوجد له تحديد في ديننا: حب الوطن من الايمان (حديث نبوي). وهناك رسالة من رسائل الجاحظ عنوانها "الحنين الى الاوطان"، واذا تمعّنا فيها يكون هنا الوطن مكان الاقامة حيث معقل البدوي، بينما مفهوم الوطن بالمعنى السياسي الحديث ليس موجودا. حتى مفهوم الامة باللغة الاجنبيةnation يعني الامة/الدولة ،اي الكيان السياسي الاقليمي للشعب، وبذلك لا تنفصل الدولة عن الامة. اما عند العرب فالامة مفهوم وجداني وعاطفي وايديولوجي، انها الهلال الخصيب وسوريا عند انطون سعادة والامة العربية من المحيط الى الخليج عند ميشال عفلق والبعث وعبد الناصر والقوميين العرب.. وهي الامة الاسلامية العظمى عند الاسلاميين سنة وشيعة (اخوان مسلمين وحزب تحرير وسلفيين وحزب دعوة وخمينيين الخ..). وحتى في النص الديني المقدس (القرآن) استخدم مصطلح الأمة في عدة معاني مختلفة: امة المؤمنين، جماعة من الناس، جيل او قرن، طريقة او منهج، او حتى شخص واحد قائم بذاته (وكان ابراهيم امة وحده).
وعلى أساس هذا التباين او بالاحرى هذا الغموض في استخدام المصطلحات، ينشأ الالتباس في وعينا المعاصر وفي صياغتنا وبلورتنا لمفاهيمنا وللرؤى.
ونفس الالتباس يتعلق بمفهوم المجتمع المدني..فبغض النظر عن انتماءات وغايات القائمين على الجمعيات المعروفة باسم المجتمع المدني فإن الجميع قد استخدم المصطلح في تقابل عدائي مع "المجتمع الأهلي" أو الأصلي – التقليدي. ففي وعي المثقف العربي الحديث (وبغض النظر عن التصاق المصطلح بالتجربة الغربية وبالممارسة الديمقراطية الليبرالية) فإن "المجتمع المدني" هو القيّم على الشأن الخاص المتعلق بالفرد وحياته الشخصية ، وهو القائم على البنى والتنظيمات الحديثة بمواجهة أو في مقابل المجتمع الأهلي أو البنى التقليدية القديمة من دينية وعشائرية ومناطقية، الأمر الذي يجعل المصطلح كما يستخدمه المثقف العربي شديد الالتصاق بتشكل حقوق المواطن ووعي هذا الأخير مواطنيته في اجتماع سياسي مدني على النمط الغربي حيث المدني مواجه للديني من جهة وللسلطة التوتاليتارية ( أو العسكرية) من جهة أخرى ، فيكون المجتمع المدني قيّماً أيضاً وفي آن معاً على الحرية والديمقراطية في مواجهة السلطة والدولة، وعلى الحداثة والتقدم في مواجهة الدين والبنى التقليدية.
والحقيقة أن هذا الاستخدام يثير إشكالية أساسية هي لغوية مفاهيمية. ففي حين أننا نجد في اللغات الأجنبية الغربية تطابقاً وتدرجاً في الاشتقاق اللغوي والمفاهيمي معاً بين مصطلحات: civique- civile -cité وcitoyen ، فإن تعبير المواطنة الذي شاع استخدامه لترجمة Citoyenneté يخرج عن المدنية والمدني ويستعير تعبير الوطن كأساس للاشتقاق .. وهذا أمر لا يعكس فحسب إشكالاً لغوياً وإنما أيضاً إشكالاً مفاهيمياً في المصطلح. من هنا تفضيلنا استخدام المصطلح الذي شاع في تراث العرب والمسلمين والصادر عن اجتماعهم السياسي وهو المجتمع الأهلي، بما هو وعاء لبشر ينتجون سياسة وثقافة وسلعاً وعلاقات تبادل في علاقاتهم بالدولة بما هي هيئة حاكمة ومنظمة وضابطة لعلاقات هؤلاء البشر. إن هذا يجعلنا نقرر بان مصطلح المجتمع الأهلي في التاريخ الاجتماعي السياسي العربي هو الذي يوازي مفهوم المجتمع المدني الحديث من حيث دلالة استقلالية المجتمع عن الدولة عبر مؤسسات ومنظمات مستقلة أو شبه مستقلة أو وسيطة. إن هذا لا يعني استبدال أو المفاضلة بين مؤسسات حديثة ومؤسسات قديمة، ولا التبشير بنموذج تاريخي ناجز أو العودة إلى الأصول التاريخية بقدر ما نهدف إلى إيجاد واستخدام مصطلح ومفهوم يعبّران عن حقيقة الانتظام الاجتماعي والمجتمعي في بلادنا.
وهكذا يبدو المجتمع المدني أو الأهلي ، نمطاً في تنظيم المجتمع يتعلق بعلائق الأفراد فيما بينهم لا بصفتهم مواطنين في دولة ولكن من حيث هم منتجون لأوضاعهم المعيشية ولمعتقداتهم ومقدساتهم وحرماتهم . ويبدو أيضاً مُسمى يُطلق على البنى والتنظيمات المختصة والمنتجة لأوضاع الناس العائلية والاجتماعية والاقتصادية والدينية والخارجة عن اختصاص سلطة الدولة.
ما هي الدولة؟
من المحيط الى الخليج، برأيي لا توجد دول، انما سلطات حاكمة، فالدول بالمعنى السياسي او العلمي هي كيان سياسي قانوني ذو سلطة سيادية على بقعة محددة (اقليم او أرض ووطن) وعلى شعب محدد. ولا يزال في عقولنا، مفهوم الدولة كما عرّفه ابن خلدون وهو القوة والغلبة والاستيلاء.. وفي النصّ الديني دليل على ذلك: تلك الايام نداولها بين الناس، وبالمصطلح الشعبي نقول العملة المتداولة. اي ان الدولة مشتقة من معنى التداول: الانتقال من حال الى حال ومن يد الى يد، اي ان أساسها هو الغلبة والقوة، ومن يملكها يكون القوي. ونعود بالذاكرة الى مقولة لويس الرابع عشر الشهيرة: انا الدولة والدولة أنا. حتى في العهد العثماني، لم يكن هناك مصطلح الدولة، انما السلطنة والمملكة والباب العالي والسلطان وبالتالي فلم يكن هناك شعب ومواطن وانما رعايا. وفي نماذج قليلة فقط برز معنى الدولة ككيان الأمة والشعب والوطن. والاختلاف يطال ايضا مفهوم تكوين الدولة: ففي بلاد الشام كان الغنى والجاه لاحقا على الدولة (وهنا العودة الى مفهوم ابن خلدون: يأتي البدو ويستولون على الدولة)، اما في المجتمعات الغربية فالدولة أسستها الطبقات المالكة والغنية، اي هي لاحقة على الجاه والغنى. والمعلوم ان الدولة تنشأ على شكلين، اما على اساس العقد الاجتماعي كما قال توماس هوبس وجون لوك وجان جاك روسو وغيرهم، واما على اساس التناقض والصراع الطبقي كما قالت الماركسية واللينينية: نتيجة الانقسام الطبقي، تحتاج الطبقة الحاكمة الى جهاز لقمع الطبقات المحكومة، وبذلك تكون الدولة اداة او جهاز في خدمة طبقة وضد طبقة ومصيرها هو الزوال بزوال الطبقات في مرحلة الشيوعية.
واذا نظرنا الى مجتمعاتنا، نجد ان هناك عائلات مالكة وحاكمة استولت على المدينة وهي تحكم منذ 50 او 60 او حتى 100 سنة.
نشأة الدول العربية
تعود نشأتها الى تاريخ سقوط السلطنة العثمانية حيث كانت المنطقة خاضعة لنظام الملة (الملل) المنظّم بقوانين.. الدول العربية الحديثة جاءت مع الاستعمار الأجنبي وأنشأها الاحتلال وبالقوة القهرية من فوق، فأعطيت فلسطين للصهاينة وقسّم الانتدابان الفرنسي والانكليزي المنطقة الى دول وعلى هواه وذلك حتى العام 1936، اذ لم يكن واضحا حتى ذلك الوقت ما هي حدود كل دولة (المشرق مثلاً جرى تقسيمه مراراً: دولة للدروز ودولة للعلويين ودولة للمسيحيين..الخ..)، لذلك نشأت نخب تولت مهمة الحكم دون ارساء قواعد دولة حديثة مستقرة متوازنةز. وعلى هذا الأساس ولد نوعان من الدول ما بين النكبتين: نكبة فلسطين ونكبة الانقلابات العسكرية:
الدولة التقليدية، وهي نموذج السعودية وامارات وممالك الخليج والاردن والمغرب حيث حكم العائلة المالكة وهو حكم اساسه الدين والقبلية ومعنى التحكيم بين القبائل وسياستها بالاعراف والشرع معاً.
الدولة الحديثة، وهي دولة الضباط والانقلابات العسكرية التي حكمت المنطقة بأسوأ مما حكمتها دول الملوك اذ قامت على التسلط والاستبداد وتحولت الى دول فئوية مذهبية عشائرية.
الاستثناء اللبناني أنشأ نظاماً علمانياً طائفياً لا مثيل له (بمعزل عن تقييمنا له سلبياً وايجابياً انما نحن هنا نذكر الواقع) وهو نظام تمتع بحد لا بأس به من الديموقراطية البرلمانية ومن احترام الحريات الخاصة والعامة..
وبفعل وجود هذين النوعين من الدول التقليدية والعسكرية فانه لم تنشأ مواطنة ولا حقوق مواطنين ولا مساواة ولا عدالة ولا كرامة حتى. فعندما نتكلّم عن تطبيق المواطنة، هذا يحتاج الى بناء دولة بكل معنى الكلمة،اي على اساس تشريعات وقوانين ومساواة وفصل بين السلطات والاحتكام الى القانون وحده..
ففي العالم العربي والاسلامي فإن المشكلة تكمن بالتحديد في السيطرة السلطوية الاستبدادية التي لا تولد دولة مركزية ديمقراطية (بحسب ادعاءاتها) في مجتمعات تعددية، وانما تقود الى تفتت طائفي وقبلي أساسه ما نسميه استراتيجيات الهوية ( وتدخل تحت هذا البند ما نسميه في لبنان الطائفية السياسية ) وهي استراتيجيات سياسية تندرج في اطار الصراع للوصول الى السلطة أو للدفاع عن سلطة قائمة أو لتوزيع جديد للسلطة...
ويكمن حسم هذه المشكلة بدولة تنبثق عن مجتمعها، أي أن نسعى إلى إنتاج دولنا الخاصة على أساس المبادئ الأساسية لحقوق الانسان، المبادئ القانونية لتأسيس الدول التي فيها السلطة السياسية ذات السيادة المنبثقة عن الشعب. هذا هو النضال الصعب الذي علينا ان نقوده.. وهنا تكون المسؤولية مزدوجة:
إنها تقع اوّلا على الاسلاميين أولاً، اذ عليهم تبديد المخاوف من وصول الاسلاميين الى السلطة، والمطلوب أن يصوغوا مفهومهم للدولة المدنية:ماذا تعني لي الدولة المدنية في بلد غالبيّته مسلمين؟ كيف يمكن أن اكون اسلاميا، وكنت أدعو لدولة اسلامية، وأتجه الى اقامة دولة مواطنين فعلية ودولة فيها سيادة للشعب فينتخب ممثليه فيكون الدستور والتشريع منبثقاً من الشعب عبر ممثليه وليس من سلطة الهية او دينية مقدسة. هذه هي المعضلة الأساسية.
وثانياً: على الأقليات غير المسلمة او غير العربية في المنطقة العربيّة-الاسلامية، هم يشكلون التحدي الأصعب، خصوصاً في زمن عاصف حيث اثيرت مشاعر الخوف عند الاقليات جميعاً دون استثناء ولاسيّما المسيحيين الذين يعيشون حالة ذوبان في المنطقة، وهي بحاجة الى معالجة شجاعة من قبلهم أوّلا، وتتطلب تضامنهم والتفاعل بين الكنائس وجرأة وخيالاً وقوة لمواجهة واقعهم اذ لا يمكن مواجهته بعقدة الخوف كما حصل عند سقوط السلطنة العثمانية حين تحالف المسيحيون مع الاحتلال الاجنبي.او كما يحاول البعض اليوم بان يقول للمسيحيين لا حل الا ببقاء الوضع كما هو عليه واستمرار الانظمة القمعية والا فالسلفية والاسلامية والتعصب ستقتل المسيحيين..
ولكن المسؤولية الاساس تقع على المسلمين ، لأنهم في موقع القوّة وعليهم طمأنة اخوانهم. وهذا لا يكون الا بصياغة نظام مدني، ومواطنة صحيحة، ومساواة وقانون يعيش في ظلّه الجميع بشكل عادل.وعلى كل القوى السياسية وخصوصا الاسلامية تقديم رؤيتها لمعنى الدولة المدنية وكيفية قيامها.
وهنا اقول اننا نستطيع كمسيحيين ومسلمين ان نستنطق كتبنا المقدسة، بعض الايات والاحاديث من القران والانجيل، والقيم المشتركة بيننا، والمبادىء الانسانية العالمية: من محبة وتسامح،وعدالة وكرامة، من اجل تقريب وجهات النظر فنبني عليها نظام حياة جديد لشعوبنا ومجتمعاتنا. نحن نؤمن باله واحد صحيح ولكننا نختلف في الدين/الشرع وفي فهمنا لهذه الكتب المقدسة وفي اسلوب حياتنا ورؤانا للمجتمع وللحياة في هذه الدنيا.وبالتالي فان علينا العمل معاً في حوار للحياة ولاعمار الدنيا وليس للسجال والخلاف حول اللاهوت.. ما نريده في منطقتنا هو دولة حديثة لا تنفصل عن مجتمعنا المتديّن، دولة تكون منسجمة ومتوازنة مع معتقدات مجتمعها الدينية والاخلاقية. ولعلنا ننسى ان العلمانية الغربية قامت على القاعدة الدينية-الفكرية- المسيحية.. فهي نشأت في مجتمعات مسيحية خالصة،ثقافتها هو الكتاب المقدس، ووعيها ولاوعيها يتشكل عبر هذه الثقافة، وبالتالي فقد كانت العلمانية بنت هذه الثقافة.. ولكن دخول المسلمين اليها ولّد مشاكل من نوع لم تحسب له حساباً: الحجاب والذبح الحلال والثقافة اليومية للناس، ومن هنا فان العلمانية الغربية صارت اليوم امام تحد جديد هو تحد التعددية الثقافية الذي لم يكن اصلاً مطروحاً عندها قبل العام 1990... ونحن لدينا امتياز ينبغي استغلاله يتمثل في اننا نعيش هذه التعددية وقد حاولنا التعامل معها..ولذلك فان شعوب المنطقة العربية هي امام تحدٍّ انساني عالمي في صنع علمانية من نوع جديد:علمانية تعددية متوازنة.