الدكتور عادل عبد المهدي- بغداد
قبل وبعد 2003 تحركت الة لئيمة ضخمة تتهم العراقيين.. فالفضائيات التي ترفع اليوم شعارات التغيير والتدخل لحماية المدنيين ظلمت العراقيين اكثر مما ظلمهم القتل والسجون. وغرقت المؤسسات الاقليمية والدولية بشرعية الانظمة ونست شرعية الشعوب. وعدا دولة او دولتين، وقفت الانظمة العربية مواقف غريبة زادت الفتنة والانقسام، رغم ان بعضهم صوت لقرار الاحتلال 1483، وكان غيرهم غارق لاذنيه في القواعد ومعاهدات الحماية. فاستثمرت "القاعدة" وبقايا النظام الاجواء لتنظيم نفسها وشن حرب جديدة على العراقيين.. وساعد ذلك سلسلة حماقات للسياسة الامريكية، واهمها منع العراقيين تشكيل حكومتهم واعلان الاحتلال.. مما شوه التغيير واربك العملية في ملفات ضخمة ومعقدة. ومنها، الوجود الاجنبي.. والارهاب والعنف.. ودمار المؤسسات والبنى التحتية وانظمة الخدمات.. والمديونية وحجز اموال العراق والفصل السابع.. واعداد الدستور والانتخابات وتشكيل الحكومة واستعادة السيادة.. وموروثات الاوضاع السابقة والانقسامات الداخلية السياسية والقومية والمذهبية.. والصراعات الاقليمية والدولية، في وحول العراق.. وهذا عبء لا نرى مثيله في مكان اخر.. فوقعنا بالضرورة باخطاء وانحرافات كبيرة ايضاً.
لم يقتنع المعاندون والمغالطون بعدالة القضية العراقية طوال عقود، قُتل واضطهد الشعب فيها اقسى بكثير من اي شعب اخر.. فقالوا الاولوية للقضية الوطنية وليس لحقوق المواطنين. ولم يقتنعوا بعدالة القضية عندما شن صدام الحرب على ايران والكويت وهلاك الملايين بين قتيل وجريح واسير ومشرد.. فقالوا الاولوية الوقوف ضد المطامح الايرانية والاستغلال الكويتي. ولم يقتنعوا عند الانتفاضة الشعبانية وسقوط مئات الالاف بين قتيل وجريح وسجين ومشرد فقالوا الاولوية منع تقسيم العراق.. ولم يروا معاناة الشعب في 2003 فقالوا الاولوية الدفاع عن النظام ومقاتلة الامريكان. واليوم سقطت جميع هذه الاولويات.. وارتفعت الاصوات -التي نفترض صدقها- باولوية الشعب في الحرية والسيادة والحقوق، وهذا ما كنا نقوله. في وقت تنسحب القوات من العراق ويبدأ او يتواصل حضورها في غيره.. فالدول تدخلها الجيوش في ظرف ما.. ويبقى الاهم انهاء احتلالها، ليأتي التعاون ندياً وسيادياً.. فالوطنية تصنعها الشعوب قبل الحكام.. والشرعية اساسها الشعوب وليس الحكام.. والدفاع عن الوطن جذوته الشعوب لا الحكام.. والخيانة ارضها خصبة عند الحكام وبائرة عند الشعوب.. فالاولوية للشعوب ولا اولوية للحكام قبلها او على حسابها. هذا درس العراق.. فالتاريخ قال حكمه في العراق وكان افضل محام له.